القمح في اليمن ضحية الصراع
يمنات
عاودت أسعار القمح ارتفاعها في السوق المحلي للمرة الثالثة في أقل من عامين من عمر الصراع، بسبب ارتفاع الطلب على المادة، لتهدد ما تبقى من استقرار معيشي للمواطن اليمني.
وفي ظل اتساع الفجوة الغذائية بين الإنتاج المحلي من القمح الذي بلغ العام الماضي 232,790 طن، وبين الإستهلاك العام البالغ 3,4 مليون طن سنوياً، تصاعدت المخاوف المحلية والدولية من نفاد مادة القمح المستورد الذي يغطي 93% من احتياجات السوق المحلي، بسبب توقف البنك المركزي عن تغطية فاتورة واردات المواد الأساسية بالعملة الصعبة.
موجة غلاء
رغم تجاوز التضخم في أسعار الغذاء خلال فترة الحرب الـ30 % من معدلات التضخم العالمي، إلا أن عوامل محلية وخارجية ساهمت بعدم ارتفاع أسعار القمح والدقيق إلى مستويات قياسية.
وأدى توقف صرف رواتب الموظفين وارتفاع معدلات البطالة إلى تضاعف معاناة السواد الأعظم من اليمنيين، وانعكس على معدل الإستهلاك العام للغذاء سلباً، فارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 34 %، قابلها المزيد من التقشف من قبل المستهلك.
وفيما ارتفع الطلب الإستهلاكي في العام الماضي إلى أعلى المستويات عقب اندلاع الحرب، وتسبب بارتفاع سعر كيس القمح سعة 50 كم من 3800 ريال إلى 5700 ريال، متأثراً بارتفاع الدولار أمام الريال اليمني من 214,8 ريال إلى 251 ريال، ارتفعت أسعار الغذاء مؤخراً بشكل طفيف بالتزامن مع تراجع القوة الشرائية للعملة المحلية بسبب تداعيات قرار نقل البنك المركزي والذي أدى إلى توقف تأمين البنك واردات القمح بالعملة الصعبة.
قرار البنك دفع التجار إلى شراء الدولار من السوق الموازي بسعر يتجاوز 312 ريال للدولار الواحد، بعد أن كان البنك يغطي واردات القمح بسعر 251 ريال للدولار، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار القمح خلال الأسبوعين الماضيين بواقع 3 دولارات في كل كيس، بالإضافة إلى إرتفاع أسعار الأرز وزيت الطعام. كما لوحظ، خلال جولة ميدانية لـ”العربي” في أسواق العاصمة صنعاء، انخفاض طفيف في أسعار السكر بواقع 1000 ريال للكيس سعة 50 كيلو.
ملوك القمح
وفيما لم يصدر عن معظم موردي القمح الذين لا يتجاوزون ثمانية في السوق اليمني، ويطلق عليهم محلياً “ملوك القمح” لثرائهم الفاحش واستحواذهم على السوق المحلي، أي ردود أفعال جراء توقف البنك المركزي عن تغطية واردات القمح بالدولار، فجر خبر توقف مجموعتي “فاهم” و”هائل سعيد أنعم”، أكبر موردي القمح للبلاد، عن استيراد القمح، أزمة في السوق المحلي كادت أن تتسبب بأزمة تموينية وسعرية في مادة القمح، وهو ما قوبل بتدخل سريع من قبل وزارة الصناعة والتجارة في حكومة “الإنقاذ”، والتي أصدرت بياناً أكّدت فيه توفر مادة القمح والدقيق بكميات كبيرة في السوق ونفت توقف الواردات.
ووجهت الوزارة مكاتبها والجهات الأمنية بمراقبة الأسواق واتخاذ أقسى الإجراءات ضد المتلاعبين في أسعار المواد الغذائية.
نوافذ مخفيّة
مصدر في اللجنة الإقتصادية الإشرافية التابع لـ”المجلس السياسي الأعلى” كشف، لـ”العربي”، عن وجود نوافد مصرفية خفيّة في العاصمة، يتم من خلالها تحويل الأموال إلى الخارج بدون أي صعوبات.
وأشار المصدر إلى وجود خمس شركات صرافة محلية يعتمد عليها التجار في نقل الأموال إلى الخارج، وفتح اعتمادات استيراد منذ ما يزيد عن عام. وحول الوضع التمويني للقمح في السوق أكّد المصدر أن واردات القمح الواصلة إلى موانئ البحر الأحمر خلال الشهر الماضي بلغت 31 مليون و750 ألف كيس من القمح.
أزمة الفارق
مصدر في مجموعة “فاهم” التي تصل وارداتها السنوية من القمح إلى 1,4 مليون طن، نفى لـ”العربي” أن يكون نشاطها الإستثماري قد توقف، وأكّد عدم إلغاء أي عقود لاستيراد القمح مع الشركات الدولية.
من جانبه، اعتبر الخبير الإقتصادي، عبد الجليل السلمي، إثارة قضية توقف استيراد القمح لوجود حالة ركود حاد في السوق بسبب تراجع القوة الشرائية للمواطن.
ولفت السلمي في تصريح لـ”العربي” إلى أن تجار القمح فقدوا فارق سعر الصرف الذي كانوا يحصلون عليه من البنك المركزي، والذي يبلغ 60 ريالاً عن كل دولار خلافاً للسوق الموازي، مشيراً إلى أن القمح لم يعد مدعوماً من قبل الدولة بل حرر أواخر تسعينات القرن الماضي، ولذلك لن تكون هناك تأثيرات كبيرة على أسعاره.
المصدر: العربي